عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
((من حسن إسلام المرء تركُه ما لا يعنيه))
حديث حسن؛ رواه الترمذي و ابن ماجة و ابن حبان و الطبراني و البيهقي و قال الخطيب: صحيح مرسل
قال ابن تيمية رحمه الله : ولا سيما كثرة الفضول فيما ليس بالمرء إليه حاجة من أمر دين غيره ودنياه
وقال ابن القيم رحمه الله : وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم الورع كله في كلمة واحدة، فقال: ((من حسن إسلام المرء: تركُه ما لا يعنيه))، فهذا يعم الترك لما لا يعني: من الكلام، والنظر، والاستماع، والبطش، والمشي، والفكر، وسائر الحركات الظاهرة والباطنة، فهذه كلمة شافية في الورع
وقال الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله : إن من لم يترك ما لا يعنيه، فإنه مسيء في إسلامه
الآثار من الصحابة في ترك ما لا يعني
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: من كثر كلامه كثر سقَطُه، ومن كثر سقَطُه كثرت ذنوبه، ومن كثرت ذنوبه كانت النار أولى به
.وقال أبو هريرة رضي الله عنه: لا خير في فضول الكلام
ويقول عبدالله بن عباس رضي الله عنهما: خمس لهن أحبُّ إليَّ من الدُّهم الموقفة: لا تتكلم فيما لا يعنيك؛ فإنه فضلٌ، ولا آمن عليك الوزر، ولا تتكلم فيما يعنيك حتى تجد له موضعًا؛ فإنه رُبَّ متكلِّمٍ في أمر يعنيه قد وضعه في غير موضعه، فيعنت، ولا تمار حليمًا ولا سفيهًا؛ فإن الحليم يقليك، وإن السفيه يؤذيك، واذكر أخاك إذا غاب عنك بما تحبُّ أن يذكرك به، وأَعفِه مما تحب أن يُعفيَك منه، وعامل أخاك بما تحب أن يعاملك به، واعمل عمل رجلٍ يعلم أنه مجازًى بالإحسان، مأخوذٌ بالإجرام
وقال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: «أنذرتكم فضول الكلام، بحَسْبِ أحدكم ما بلغ حاجته
ويقول عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه: «دَعْ ما لستَ منه في شيء، ولا تنطق فيما لا يَعنيك، واخز لسانك كما تخزن ورِقك» إحياء علوم الدين: 3/ 122
وعن عبدالعزيز بن أبي رواد قال: قال رجل لسلمان رضي الله عنه: أوصني، قال: لا تَكَلَّمْ، قال: وكيف يصبر رجل على ألا يتكلم؟ قال: فإن كنت لا تصبر على الكلام، فلا تتكلم إلا بخير، أو اصمُتْ
الآثار من التابعين و من بعدهم في ترك ما لا يعني
قال يحي بن أيوب رحمه الله :إذا لم يرد الله بعبد خيراً شغله بالأغاليط
وقال الحسن البصري: علامة إعراض الله تعالى عن العبد أن يجعل شغله فيما لا يعنيه
وقال معروف الكرخي: كلام العبد فيما لا يعنيه خذلان من الله تعالى
وروي عنه أيضًا أنه قال لأحد أصحابه: «إذا رأيت قساوةً في قلبك، ووهنًا في بدنك، وحرمانًا في رزقك، فاعلم بأنك قد تكلمت بما لا يَعنيك
وقيل: من سأل عما لا يعنيه، سمع ما لا يرضيه
قال عمر بن عبدالعزيز: من عد كلامَه مِن عمله، قلَّ كلامه فيما لا ينفعه
وقيل للقمان: ما بلغ بك ما نرى؟ يريدون الفضل، قال: صِدق الحديث، وأداء الأمانة، وترك ما لا يعنيني
وقال محمد بن عجلان: إنما الكلام أربعة: أن تذكر الله، وتقرأ القرآن، وتسأل عن علم فتخبر به، أو تكلم فيما يعنيك من أمر دنياك
ويقول عبدالله بن المبارك رحمه الله: «قال بعضهم في تفسير العزلة: «هو أن تكون مع القوم؛ فإن خاضوا في ذكر الله فخُضْ معهم، وإن خاضوا في غير ذلك فاسكت»
وكان مالك بن أنس رحمه الله يعيب كثرة الكلام فيقول: «لا يوجد إلا في النساء أو الضعفاء
وقال الشافعي: ثلاثة تزيد في العقل: مجالسة العلماء، ومجالسة الصالحين، وترك الكلام فيما لا يعني
حلية الأولياء لأبي نعيم. قَالَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ: مَنْ ظَنَّ ظَنَّ السُّوءِ حُرِمَ الْيَقِينَ ، وَمَنْ تَكَلَّمَ فِيمَا لا يَعْنِيهِ حُرِمَ الصِّدْقَ ، وَمَنِ اشْتَغَلَ بِالْفُضُولِ حُرِمَ الْوَرَعُ ، فَإِذَا حُرِمَ هَذِهِ الثَّلاثَةَ هَلَكَ
وعن زيد بن أسلم قال: «دخلنا على ابن أبي دجانة وهو مريض، ووجهه يتهلل، فقال: ما من عملي شيء أوثق في نفسي من اثنتين: لم أتكلم فيما لا يعنيني، وكان قلبي للمسلمين سليمًا
المصادر
الصمت لابن أبي الدنيا
الآداب الشرعية لابن مفلح
إحياء علوم الدين
جامع العلوم والحكم